لا تظنوا يا دعاة الخير والهدى في كل مكان، أنكم سوف تدعون إلى الله من غير عداوات استهزاء، ومن غير ضغائن تثار عليكم، ومن غير أذى وسب وشتم، فهذا شيء لم يجعله الله لأنبيائه، فكيف يجعله لمن بعدهم؟!
فقد قال: ((
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ))[الفرقان:31].
فما بعث الله تعالى نبياً إلا كذب وأوذي وعودي، كما أخبر بذلك
ورقة بن نوفل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما قال: {
أو مخرجي هم؟! قال: ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي}، ولذلك سلَّى الله نبيه محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ((
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ *
وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ *
وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ))[الحج:42-44] فكل هذه الأمم كذبت، فكذب قوم نوح نوحاً عليه السلام، وكذبت عاد هوداً عليه السلام، وكذبت ثمود صالحاً عليه السلام، ثم كذبت مدين نبيهم شعيباً عليه السلام، وكذب قوم لوط لوطاً عليه السلام، وكذب قوم إبراهيم إبراهيم عليه السلام، وكذب فرعون موسى وهارون عليهما السلام، وهكذا عداوة وتكذيب، ولكن النصر مكتوب مسبقاً وأزلاً للمؤمنين وللمتقين، ولكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يصطفي ويختار: ((
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ)) [السجدة:24]، فإذا رأينا الشاب التقي الصابر القارئ لكتاب الله، المحافظ على أوامر الله، القائم على حدود الله سبحانه، فلنحمد الله؛ فهذا وارث النبوة ماكث بين أيدينا، فلا نكرهه ولا نبغضه، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحبه كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {
إن الله وملائكته وخلقه حتى الحيتان في جوف الماء وحتى النملة في جحرها يصلون على معلم الناس الخير} يحبه الله، ويحبه ملائكته في الملأ الأعلى، ويحبه خلق الله حتى الدواب تحبه! حتى الحيتان في جوف الماء كما في حديث
أبي الدرداء: {
إن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في جوف الماء}.
تستغفر له حتى النمل في جحورها، تحب الدعاة إلى الله، وتحب من يتلون كتاب الله، وتحب من يأمرونا بذكر الله، كل هؤلاء يحبونهم ونحن نبغضهم أو نعاديهم؟!
نعوذ بالله أن يكون منا من هو كذلك، فهذا قد حقت عليه الشقاوة، وإن كنا نسأل الله سبحانه الهداية للجميع، لكن من باب التبصير والتثبيت للدعاة، ومن باب حث الإخوة المسلمين في كل مكان على التعاون مع الدعاة والتكاتف والقيام بنصرتهم، وتأييدهم وتسديدهم، نقول ذلك تذكيراً لهم كما أمر الله سبحانه.
ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وممن يستجيبون لله والرسول إذا دعاهم لما يحييهم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.